الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة ارحموا تونس وجنبوها الفتنة وأجركـــــــم علـــــى اللــــــه

نشر في  27 نوفمبر 2014  (14:19)

أُسدل الستار يوم الأحد الماضي على الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، وأفرزت النتائج - كما هو معلوم- احتكام مرشحان للدور الثاني للحسم النهائي ومعرفة اسم الرئيس الجديد لتونس في المرحلة القادمة. وبقطع النظر عن النتائج التي آلت إليها الانتخابات وما تخلل ورافق الحملات الانتخابية للمترشحين -أو لنقل لأغلب المترشحين- من تهجمات واتهامات للخصوم وما رافق تدخلاتهم من تشنّج، لابد من الاعتراف بوجود العديد من المكاسب التي تحققت لتونس لعل أهمها وأبرزها حرية التصويت والانتخاب، والشعور بالفخر والانتماء الذي ينتاب كل ناخب عندما يُدلي بصوته ويختار بكل حرية من يراه قادرا على قيادة البلاد، علاوة على ذلك نجح التونسيون في ترسيخ ثقافة الديمقراطية من خلال هذه الممارسة الانتخابية وقدّمنا للعالم -رغم بعض الهفوات والتعثرات والسلبيات- صورة طيبة على النموذج التونسي الجديد وعن وعي شعبنا وحرصه اللامحدود على المشاركة في بناء تونس الغد، تونس المستقبل، تونس التسامح، تونس الاعتدال والوسطية..
مقابل هذه المكاسب التي تحققت في المواعيد الانتخابية السابقة، لابد من التنديد ببعض الممارسات والتصريحات التي تفرّق بين أبناء الشعب الواحد وتشتّته أكثر مما توحّده، تصريحات تكرِّس الجهويات وتشعل النيران وتوتّر الأجواء في وقت تحتاج فيه البلاد إلى وحدة وطنية حقيقية تتلاشى أمامها المصالح الشخصية والحزبية الضيقة ويرتقي من خلالها الحوار بين المتنافسين إلى مستوى الانتظارات وإلى مستوى الأمانة والمسؤولية، ولكن هذا لن يتحقق إلا متى قبل الجميع بمبدأ الاختلاف في الرأي وفي الإختيار، لن يتحقق ذلك إلا متى اقتنع الجميع بأن اختلافنا رحمة وبأنه يخلق نوعا من التكامل وبأنه ضرورة حياتية نظرا لتفاوت الأغراض والمفاهيم خصوصا وأن الاختلاف ذُكر كثيراً في القرآن الكريم، قال تعالى: «فاختلف الأحزاب من بينهم ..» وقال تعالى: «وما اختلفتم فيه من شيء...»
انطلاقا من ذلك يصبح الحوار والقبول بالرأي الآخر ضرورة ملحّة لبلادنا في المرحلة الراهنة، لأن الحوار يمكن أن يكون بديلا للعنف للصدام والعراك والسب والشتم، علاوة على كونه يهدّأ الأجواء ويُلطّفها ويحافظ على الوحدة الشعبية مهما اختلفت الانتماءات الحزبية والأيديولوجية، فتونس التسامح بإمكانها أن تتسع لكل أبناءها على مختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية، علمانية كانت أو يسارية أو إسلامية.. لذلك يجب أن نتحاور دون إقصاء أو تهميش، يجب أن نتبادل المعرفة والرأي دون عنف أو ترهيب..
الحوار يجب أن يتحول إلى ثقافة إذا ما كنا نريد فعلا الديمقراطية ونؤمن بها حتّى لا يُصاب الاختلاف في الرأي وتتقلّص أو تنعدم أساليب الحوار المجتمعي لتحل محلها ثقافة الصوت الواحد واللون الواحد التي لا تقبل الاختلاف، بل ويمكن أن تُلقي بمن يختلف معنا في خانة العداوة ويتّهم بالتآمر أو الخيانة.
نرجو ونتمنى أن تزول الخلافات وتحل محلها الحوارات عوضا عن الصراعات وهذا موكول إلى الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية المطالبة بإعطاء المثل والارتقاء بالمشهد السياسي حتّى لا تمتد خلافاتها إلى المواطنين الذين قد يتحوّلوا إلى وقود للصراعات الحزبية والعرقية والطائفية بعد أن أصبحوا مجرد صدى ومتلقي للتوجهات الفكرية والسياسية التي تصدر سواء عن الأنظمة أو الحركات السياسية والفكرية القائمة دون أي تفاعل معها أو تأثير فيها..

بقلم: عادل بوهلال